مجمّع الإمام الخوئي الثقافي في اسلام آباد
كما هو الحال مع الهند، فان اوضاع المسلمين في باكستان التي يسكنها اكثر من ٢٥ مليوناً من المسلمين الشيعة، تستدعي اقامة مجمع ثقافي في مدينة كراجي للقيام بنفس المهام التي تقدم الحديث عنها بالتفصيل في موضوع المجمع الثقافي في الهند وتقديم الخدمات اللازمة لابناء هذا البلد. لذلك تم شراء أرض واسعة في ضواحي المدينة، لتشيد عليها جامعة اسلامية ومسجد ضخم يتناسب مع حجم الحاجة والمتطلبات، واكملت دراستها ووضعت التصاميم لذلك المشروع.
وقد اعتمد الاستشاريون في تصاميم المجمع النمط التحرري الحديث، حيث ترتفع في الأركان الاربعة من أرض المسجد أربعة أعمدة بأبعاد ٥*١.٥ متر يصل ارتفاعها الى حوالي أربعين متراً من سطح الارض، مزينة بالآيات القرآنية وأسماء الله الحسنى بالقاشاني الصيني المعرّق.
يرفع هذا الكرسي سقف المسجد وقبته ذات الاضلاع الاثني عشر، والتي قطرها أربعة وستون متراً في ارتفاع عشرين متراً عن أرضية المسجد، ليكون أكبر سقف وقبة في العالم ترفع بدون أعمدة داخل المسجد، وليكون واحداً من أبدع المباني الحديثة التي تشتمل على عظمة التقدم التكنولوجي الحديث وأصالة الفن المعماري الاسلامي العريق، ويسع المسجد تحت قبته حوالي عشرة آلاف مصل، وتقع تحته في الطابق الأرضي مباني المكتبة، وغرف البحث والمطالعة، والحسينيات، والمخازن والمرافق الصحية وغيرها.
أما المباني الأخرى في مجمع باكستان فهي عبارة عن مبنى الجامعة المشتمل على قسم الادارة والصفوف والقاعات العامة وغرف البحث والمطالعة، وفي وسعه أن يضم حوالي ألف طالب، ومبنى سكن الطلاب لحوالي ٧٥٠ طالبا ومساكن للأساتذة يبلغ عددها ٢٥ مسكناً.
وبعد الانتهاء من اعداد الخرائط والتصاميم لها وقبل البدء في إنجاز المشروع، جرت أمور كثيرة عطلت المشروع خصوصا بسبب تعقيدات الوضع السياسي والاجتماعي الباكستاني. وقد جرى الاتفاق على اقامة المشروع بتصاميم جديدة من شركة "I.C.T.R" وقد وضع الحجر الأساس وبوشر العمل فيه، ومرة أخرى توقف العمل بعد رحيل الإمام الخوئي (قده) في العام ١٩٩٢م. لكن مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية اعادت العمل في المشروع بحمد الله ومنته، خصوصا بعد استقرار اوضاع المؤسسة عموما وضمان استمرار المشاريع القائمة عليها على نحو ممتاز، فتوجهت المؤسسة الى ذلك المشروع المعطل، وقد أنهت العقد المبرم بينها وبين الشركة المقاولة بالتراضي، واتفقت مع مقاولين محليين لانجاز المشروع على مراحل، حيث بوشر بالعمل فعلا لاتمام المرحلة الاولى من المشروع مع بداية عام ١٩٩٨م، وبمبلغ ماءة وخمسين ألف دولار أمريكي، وذلك لتكميل المبنى الاداري والجناح الشرقي للمشروع والذي يسع لاقامة ٣٧٠ طالبا في أربعة طوابق، وكذلك الاعمال التكميلية للصفوف الخارجية من المبنى الوسط.
لقد شرع بالعمل مرة أخرى منذ العام ٢٠٠٠م، بفضل جهود العاملين الخيرين، حيث أنجز العمل – ولله الحمد – في هذا المشروع الذي يتضمن بنايات "جامعة الكوثر" الاسلامية التي تحتوي على كليات عديدة تدرس العلوم الاسلامية وعلوم الحديث وعلوم القرآن واعداد المبلغين بالاضافة الى قسم اللغة الانكليزية. كما يضم هذا المشروع الضخم بنايات أخرى كالمسجد والسكن الخاص للطلاب اضافة الى مرافق أخرى كثيرة ملحقة بها.